§¤~^~¤§ رحلة الفلك عبر التاريخ §¤~^~¤§
--------------------------------------------------------------------------------
رحلة الفلك عبر التاريخ
يعتبر علم الفلك من أقدم العلوم التي عرفها الإنسان ، ففي عدم وجود التلوث الناتج عن الإضاءة الصناعية ، كان الليل مظلما لا يضيئه إلا القمر وتلألؤ النجوم ، وكان الإنسان يحدد طريقه في الليل عن طريق النجوم . والتاريخ ذكر أن قدماء المصريين كانوا على دراية كبيرة بالفلك ، وقد استخدموه في بناء المعابد والأهرامات وقياس طول العام الذي بواسطته يتم تحديد فيضان النيل . أما حضارات بابل وآشور فإنها كانت غنية بمعلوماتها الفلكية حيث سجلوا خسوف القمر وقاسوا دورته وعرفوا حركته الظاهرية وعبدوا الكواكب السبعة .... وحيث أن الكواكب تظهر للمشاهد متحركة بين النجوم لذا أطلق عليها الأقدمون (النجوم السيارة) وأطلقوا على النجوم أيضا (النجوم الثوابت) ليفرقوا بينها وبين الكواكب . كما أن حضارات الصين والهند والعرب قبل الإسلام سجل لهم التاريخ أعمالا فلكية متعددة . أما الحضارة اليونانية تميزت بالطابع الفلسفي حيث وضعت بعض الأفكار عن دوران الأجسام في السماء وهل الشمس مركز الكون أم الأرض ؟ وغيره من أن الكون أكبر من العالم المعروف بمرات كثيرة وأن النجوم والشمس يقعان في وسط السماء .
وعندما جاء الإسلام حصل تطورا هائلا في فترة ازدهار الدولة الإسلامية وذلك لارتباط الفلك بالدين من حيث العبادات لحساب مواقيت الصلاة وتحديد أوائل الشهور العربية أو لفهم بعض الآيات الكونية حيث حث الله المؤمنين في مواضع شتى للنظر إلى السماء والتفكر في آياتها ، قال تعالى : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ............) .
كما قام المسلمون بترجمة الكتب وتنقيحها وتصحيحها ، ووضعوا ذلك في كتب تضمنت جداول ومعلومات أسموها (الأزياج) ، ووضعوا الكثير من الأسس والقواعد الفلكية المهمة ، بل برهنوا على دوران الأرض والكواكب حول الشمس ، وقد بذلوا جهدا كبيرا في وضع قواعد لضبط مواقيت الصلاة ، كما استنتجوا طرقا لحساب بداية الشهور العربية وضبط التم الهجري ، كما أجروا التجارب العلمية لحساب خطوط الطول والعرض لشتى المدن الإسلامية وغير ذلك الكثير .
ويكفي المسلم فخرا شهادة المستشرقيبن ، حيث يقول (جورج سارتن) في كتابه (المدخل لتاريخ العلوم) : إن البحوث التي قام بها العرب والمسلمين في حقل الفلك كانت مفيدة للغاية ، إذ أنها هي بالحقيقة التي مهدت الطريق للنهضة الفلكية الكبرى التي ازدهرت في عهد (كبلر) و(كوبرنيك) ، ويقول (شكات) في كتابه (تاريخ الرياضيات) : كانت قياسات علماء العرب والمسلمين في الفلك إلى حدّ كبير أصح من قياسات اليونان .
وكوننا متأثرون لغويّا وحضاريّا بما لدى الغرب من تقدم علمي ، حيث أدخلنا بعض الألفاظ الأجنبية في لغتنا ، وهو نفس الحال والإحساس الذي كان يتملك الغرب في العصور الوسطى نحو المسلمين ، حيث اهتموا باللغة العربية وأدخلوا بعض المسميات العربية في ترجماتهم .
وفي الحضارة الحديثة استطاع الإنسان أن يطور طرق الرصد حتى أصبحت لديه القدرة على رصد المجرات والتعرف عليها ، فقد تم النجاح في التعمق في دراسة الكون للتعرف على ما فيه حتى استطاع ارتياد الفضاء ، وجعل المركبات الفضائية تتجول في الفضاء بين كواكب المجموعة الشمسية .