امبراطورية مشرف
عدد المساهمات : 352 نقاط : 6457 الدرجه : 15 تاريخ التسجيل : 02/02/2010 العمر : 33 الدوله والمدينه : تركيا العمل/الترفيه : لاعب كرة سلة المزاج : عادي
| موضوع: هجرة الكفاءات العلمية الاسباب والمشاكل والحلول الإثنين فبراير 08, 2010 1:48 pm | |
| |
هجرة الكفاءات العلمية العراقية الاسباب والمشاكل والحلول* د.نجم الدليمي
| تُعد مشكلة هجرة الكفاءات العلمية واحدة من اخطر المشاكل التي تواجه بلدان آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية، فهي تشكل ظاهرة سلبية وخطيرة على هذه البلدان من الناحيتين العلمية والمادية، والمستفيد والرابح الاول من هذه المشكلة هي البلدان الاجنبية، أذ تقوم هذه البلدان وعبر وسائل وطرق متعددة بجذب هذه الكوادر العلمية المؤهلة من خلال تقديم وعرض المغريات المادية وغير المادية من اجل الهجرة والبقاء والعمل لصــالح البلد " المضيف" لهم. ان دراسة مشكلة عودة الكفاءات العلمية هي من المشاكل الهامة التي تواجه العراق اليوم، فلابد من دراسة هذه المشكلة من خلال أبعادها العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، وكذلك لابد من تحديد المشاكل الرئيسية التي تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية، وما هي الحلول والمقترحات الجذرية لهذه المشكلة، وهذه هي المهمة الرئيسية التي تقف امام السلطتين التشريعية والتنفيذية وامام مؤتمر الكفاءات العراقية خارج العراق.
اولاً: أبعاد المشكلة والعوامل المؤثرة فيها نعتقد ان مشكلة "هجرة العقول" لها ثلاثة ابعاد رئيسية مترابطة ومكملة بعضها للبعض الاخر ولا يمكن الفصل بينها وهي الآتي:-
1_ البعد العلمي: كما هو معروف، تسعى البلدان المتقدمة الى استغلال الظروف السياسية والاقتصادية – الاجتماعية ... الصعبة التي تواجه الكوادر العلمية في البلدان النامية ومنها العراق بالعمل على سحب هذه الكوادر عبر اساليب مختلفة لصالحها لما تملكه هذه الكوادر العلمية من مؤهلات وخبرات علمية رصينة وكفوءة وبالتالي تستطيع البلدان المتقدمة من استثمار هذه الكفاءات لصالح تطورها الاقتصادي – الاجتماعي والعلمي، وبنفس الوقت يتم حرمان البلدان النامية ومنها العراق من جهد وخبرة هذه الكوادر العلمية، اي بمعنى أخر افراغ البلد النامي من خيرة كوادره العلمية الوطنية.
2_ البعد الأقتصادي: يكمن البعد الأقتصادي في ان " هجرة العقول" العلمية تشكل مكسباً مادياً كبيراً للبلدان المتقدمة، اذ تحصل هذه البلدان على كوادر علمية جاهزة لم يتم اي انفاق مالي عليها، وبالتالي يمكن القول انها تشكل ربحاً اقتصادياً كبيراً للدول المتطورة، وبنفس الوقت تشكل هجرة الكوادر العلمية خسارة علمية ومادية كبيرة على بلدانها لايمكن تعويضها، وبالمقابل تبقى هذه البلدان النامية متخلفة من الناحية العلمية والاقتصادية بالمقارنة مع البلدان المتطورة. 3_ البعد السياسي: تشكل النخبة العلمية في اي بلد النواة السياسية والعلمية الرئيسية لما لها من دور ومكانة وتأثير مباشر على الحياة والاحداث السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والثقافية، ويعود سبب هذا الدور لما تملكه هذه الكوادر العلمية من وعي ونضج سياسي ومن معرفة علمية وهذا ما تخشاه بعض الانظمة في البلدان النامية ومنها البلدان العربية.
ان هجرة الكوادر العلمية لم يكن وليدة صدفة، بل احياناً يتم التخطيط لها من قبل الدول المتقدمة من اجل تحقيق عدة اهداف في مقدمتها اهداف علمية واقتصادية وسياسية وثقافية في آن واحد، وهذا النهج سوف يؤدي الى تكريس تبعية هذا البلد او ذاك مع البلدان المتطورة، وهذا ما يذكرنا بما قاله احد السياسيين العراقيين في فترة الستينات من القـــرن الماضي اذ قال" ألف أمي خيرٌ من مثقف هدام"؟!.
ومن هنا جاءت الدعوة الهامة لعقد مؤتمر علمي لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة من اجل عودة الكوادر العلمية الوطنية للعراق ومن كافة الاختصاصات العلمية بهدف مساهمة هذه الكوادر في إعادة إعمار العراق في كافة ميادينه العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وحتى يصبح عراق اليوم عامل جذب لهذه الكوادر العلمية وليس عامل طرد لها. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف الكبير والمشروع إلا من خلال تدخل الدولة المباشر وفق خطة علمية وموضوعية واضحة المعالم والاتجاهات، وعليه فأن مشكلة " هجرة العقول" العلمية تحمل طابعاً علمياً وسياسياً واقتصادياً، ولا يمكن ان تكون هذه المشكلة الخطيرة خارج هذه الابعاد.
ثانياً: مراحل المشكلة وعواملها الموضوعية
مرت هجرة الكوادر العلمية بمراحل زمنية مختلفة، واختلفت نسبة هجرة الكفاءات العلمية باختلاف طبيعة المرحلة الزمنية، وكما كانت تشكل إنعكاساً لاحتدام وتفاقم الصراع السياسي والاقتصادي والايدولوجي بين القوى السياسية العراقية، ولها اسباب موضوعية وذاتية. ان اهم المراحل التي اتسمت بها " هجرة العقول" العراقية هي:
المرحلة الأولى: امتدت من عام 1963 حتى عام 1970
خلال هذه المرحلة القاسية مارست الانظمة السياسية الحاكمة في العراق مختلف اساليب الاضطهاد والتنكيل والتعذيب والقتل وحتى ممارسة الاسقاط السياسي لخيرة الكفاءات العلمية العراقية وخاصة ذات التوجه الوطني واليساري، مما أجبر قسماً من هذه الكفاءات والتي سنحت لها الفرصة بمغادرة العراق ولأسباب سياسية بالدرجة الأولى.
المرحلة الثانية: بدأت من اواسط السبعينات من القرن الماضي حتى عام 2002 تميزت هذه المرحلة باشتداد الصراع السياسي بين الحزب الحاكم من جهة، وبين الاحزاب السياسية العراقية التي كانت معارضة للنظام الحاكم من جهة اخرى وكانت طبيعة الصراع تحمل طابعاً سياسياً وايديولوجياً، اي صراع على السلطة وخلال هذه المرحلة العصيبة عانى الشعب العراقي بشكل عام والنخبة العلمية بشكل خاص من مرارات وقهر وعذابات انسانية واقتصادية لا مثيل لها في العالم، وبسبب الاضطهاد السياسي والحروب غير العادلة وفرض الحصار الاقتصادي اللاشرعي والظالم. كل هذه الاسباب وغيرها شكلت عوامل رئيسية دافعة في هجرة غالبية الكوادر العلمية بما فيها المحسوبة على النظام الحاكم سابقاً.
المرحلة الثالثة: بدأت من ابريل عام 2003 ولغاية عام 2007
بعد سقوط النظام الحاكم على ايدي قوات الاحتلال الاجنبي سادت الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية، وخاصة منذ اواسط عام 2004 حتى اواسط عام 2007، حيث اشتد الصراع الطائفي والسياسي في آن واحد حتى وصل الامر حدّ ان بات الشعب العراقي على ابواب الحرب الأهلية، وكانت قوى داخلية واقليمية وحتى دولية تقف وراء هذه "الفوضى المنظمة" ولكل قوى حساباتها الخاصة بها.
ان أهم ما تميزت بها هذه المرحلة هي اشتداد، او تفاقم، العامل الطائفي بالاضافة الى العامل السياسي والأمني، وترك كل ذلك أثره السلبي على النخبة العلمية العراقية، بغض النظر عن انتمائها السياسي او الطائفي، مما دفع نسبة غير قليلة من خيرة الاساتذة وخيرة الاطباء والمهندسين والفنانين ... الى مغادرة العراق بسبب المضايقات والتهديدات والقتل، إذ خسرت الجامعات والمعاهد العراقية المئات من خيرة الكوادر العلمية سواء الذين استشهدوا او الذين غادروا العراق بسبب الانفلات الأمني والصراع الطائفي، وهذه تعُد اكبر خسارة علمية ومادية للشعب العراقي ومستقبله.
نعتقد، هناك اربعة عوامل رئيسية واساسية لعبت، مجتمعة، دوراً كبيراً في هجرة الكفاءات العلمية العراقية وهي:
1- العامل السياسي
2- العامل الاقتصادي
3- العامل الطائفي
4- العامل الأمني نعتقد، ان هذه العوامل الأربعة أختلف دور ومكانة وطبيعة كل عامل منها ارتباطاً بطبيعة المرحلة وطبيعة النظام الحاكم، فمنذ الستينات من القرن الماضي وحتى عام 2002 لعب العامل السياسي اي الاضطهاد السياسي والعمل الاقتصادي دوراً كبيراً في "هجرة العقول" العلمية، واخذت هجرة الكفاءات العراقية طابعاً واسعاً ومعظمها بشكل غير رسمي. فقسم منها اتجه نحو البلدان العربية وفي مقدمتها جمهورية اليمن الديمقراطية والجزائر وليبيا، والقسم الآخر هاجر الى بلدان اوربا للعيش والاستقرار، اما المرحلة من عام 2003 حتى اواسط عام 2007، فأن السبب الرئيسي لهجرة الكفاءات العراقية يعود بالدرجة الاولى للعامل الطائفي – الأمني والسياسي، وذهب ضحية هذا الصراع المئات والالاف من خيرة الكفاءات العلمية بحثاً عن العيش والاستقرار، وشكلت هذه الهجرة خسارة علمية ومادية وكارثية لا يمكن تعويضها في الأمد القصير.
وكما لا يستبعد ان تكون هذه الهجرة الكبيرة للنخبة العلمية عفوية بل هناك قوى داخلية واقليمية ودولية تقف وراء جذب الكفاءات العلمية العراقية. الهدف الرئيسي من ذلك هو، كما اشرنا، افراغ العراق من كوادره العلمية الوطنية وابقاء البلد يدور في دوامة من الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية وجعله بلداً تابعاً ومتخلفاً في ميدان العلم والتكنولوجيا.
إن المعالجة الجذرية لهذه العوامل بهدف عودة الكفاءات العلمية العراقية من الخارج يتطلب من قادة الاحزاب السياسية العراقية ان تتوحد وفق برنامج وطني موحد والذي يتضمن: نبذ مبدأ المحاصصة الطائفية المقيت، الرفض والتخلي عن العنف والاغتيال السياسي، واقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة وعلى مختلف المستويات والعمل بالمبدأ السليم والعادل ألا وهو الرجل المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن الانتماء السياسي واعتماد مبدأ الانتخابات الديمقراطية الحرة والمباشرة في الجامعات والمعاهد العلمية، إبتداءً من رئاسة الجامعة وعمادات الكليات ورؤساء الاقسام العلمية، وتوزيع الصلاحيات العلمية والإدارية توزيعاً عادلاً بين الجامعة والكلية والقسم العلمي بما يخدم المسيرة العلمية.
أن الالتزام بهذه المبادئ سوف يضع حداً لكل الأساليب اللاشرعية واللاديمقراطية وسوف يساعد على تحقيق دعائم الأمن والاستقرار لعموم الشعب العراقي بشكل عام ويساعد على عودة الغالبية العظمى من الكفاءات العلمية. اضافة الى ذلك لابد من وضع حلول جذرية لبعض اهم المشاكل الخاصة التي تواجه عودة النخبة العلمية وفي مقدمتها مشكلة السكن، مشكلة احتساب الخدمة ومشكلة الترقيات العلمية وغير ذلك، وبدون تحقيق ذلك سوف لن يتحقق الهدف المطلوب إلا وهو عودة الكفاءات العلمية للوطن. ثالثاً: أهم المشاكل التي تواجه عودة الكفاءات العلمية
هناك مشاكل كثيرة تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية ويمكن ان تكون عاملاً مانعاً، ومعرقلاً لعودة هذه النخبة العلمية في حالة تعذر على الجهات المسؤولة ايجاد حلول جذرية لهذه المشاكل، ونذكر من اهمها الآتي:
1- مشكلة السكن.
2- مشكلة الترقيات العلمية.
3- مشكلة إحتساب الخدمة الجامعية. 4- مشكلة الجهاز الاداري – اي البيروقراطية الأدراية.
5- مشكلة الجانب الأمني.
مشكلة السكن
تٌعد مشكلة السكن احدى اهم واعقد المشاكل التي تواجه عودة الكفاءات العلمية الى العراق، فكما هو معروف ومنذ السبعينات من القرن الماضي ولغاية اواسط عام2007، فأن الغالبية العظمى من الكفاءات العلمية التي هاجرت الى الخارج، ولأسباب مختلفة، قامت ببيع بيوتها الخاصة وغيرها من الممتلكات الآخرى. ان هذه النخبة العلمية المتواجدة في الخارج وخاصة في اميركا وكندا ودول اوربا الغربية وغيرها من البلدان الآخرى قد حصلت على عمل او مساعدات إنسانية وسكن, فاليوم وفي حالة عودة هؤلاء فهم لا يستطيعون شراء بيت او شراء قطعة أرض سكنية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، وعليه تعتبر هذه المشكلة هامة جداً ولابد من ايجاد حلول لها. هناك اسلوبان امام الحكومة العراقية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لحل هذه المشكلة وهما:
الأسلوب الأول: العمل على بناء مجمعات سكنية [مدينة جامعية] تتوفر فيها كافة الخدمات الضرورية، وأن تقوم كل جامعة وبالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على تنفيذ هذه المجمعات السكنية ويمكن ان تقوم بذلك شركات عراقية وحسب المواصفات الدولية، او التعاقد مع الشركات الاجنبية وفي مقدمتها الشركات الصينية، الروسية، اليابانية، الكورية التي لها خبرة في البناء الجاهز، مع الأخذ بنظر الاعتبار في عملية البناء الجاهز ظروف وعادات وتقاليد المجتمع العراقي، وان يتم تأثيث البيت/ الشقة، وبشكل كامل، وفق المواصفات التي يتم الاتفاق عليها بين الجامعة والشركة الأجنبية مع تحديد فترة زمنية للبناء تتراوح مابين سنة وسنة ونصف.
الأسلوب الثاني: تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتنسيق مع الجامعات والمعاهد العراقية بتحديد قطع اراضٍ سكنية يتم توزيعها على الأساتذة العائدين من الخارج مع تقديم القرض الميسر للأستاذ وبدون فوائد ولفترة طويلة من اجل بناء بيوت لهم.
ويمكن اعطاء خيار مسبق للأستاذ اي من الأسلوبين يختار.
ان حل هذه المشكلة الهامة يتطلب من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات والمعاهد العراقية القيام بالجرد الكامل للأساتذة العائدين بعد ابريل عام2003 ولغاية اليوم والذين يعملون في الجامعة او في الوزارات الاخرى. كما يجب ان لا يتم غبن الزملاء الذين لم يغادروا البلاد من ان يشملوا بذلك، ولكن بشرط ان يتم تقديم كافة الوثائق الرسمية المطلوبة والتي تثبت ان ليس لديه بيت خاص به وهذه الوثائق تصدر من المديرية العامة للتسجيل العقاري.
مشكلة
الترقيات العلمية
ان مشكلة الترقيات العلمية تُعد من المشاكل الهامة التي تواجه عودة الكفاءات العلمية والتي غادرت العراق خلال الفترات المختلفة. وان الغالبية العظمى من هذه الكوادر العلمية عملت ولاتزال تعمل في جامعات عربية واجنبية معترف بها، ولكن في حالة عودتهم سوف يواجهون قوانين الجامعات العراقية، التي لا تعترف بالخدمة السابقة ولا يتم احتسابها لاغراض الترقية العلمية والتقاعد وتحت مبررات بيروقراطية وغير علمية، حيث يرجع العائد الى الخدمة الجامعية من الصفر!. ان الترقية العلمية في الجامعات العراقية محددة بعدة شروط فمثلاً الترقية من مدرس الى استاذ مساعد يتطلب العمل لمدة 4 سنوات وتقديم مالايقل عن 3 بحوث علمية يجري تقييمها وصلاحيتها فلا غبار على ذلك، ولكن هناك شروط اخرى ومنها دخول دورة كمبيوتر ودورة طرق تدريس لمدة شهر؟!.
فكيف لاستاذ عائد ولديه خبرة تدريسية 10 سنوات او 15 سنة او اكثر ان يدخل هذه الدورة؟ وبالرغم من اهمية دورة الكمبيوتر فهي مسألة خاصة بالأستاذ فهو اذا اراد ذلك يستطيع تحقيق ذلك الهدف وبأي طريقة يراها مناسبة له.
ان حل هذه المشكلة يتطلب الآتي:
1- على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات العراقية ان تعترف بالخدمة الجامعية للأساتذة الجامعيين الذين عادوا والذين سيعودون للعمل الجامعي، سواء كان عملهم في جامعات عربية او اجنبية وان تحسب هذه الخدمة لاغراض الترقية العلمية والتقاعد، ولكن بعد تقديم الوثائق الرسمية المطلوبة.
2- إلغاء شروط الترقية وخاصة دورة الكمبيوتر ودورة طرق التدريس الخاصة بالترقية العلمية من مدرس الى استاذ مساعد، وكذلك ضرورة إلغاء شرط أرسال البحث او البحوث العلمية الأصلية الى الخارج للتقييم من قبل خبراء عرب، وهذا ما تتطلبه الترقية العلمية من استاذ مساعد الى درجة استاذ لأنه من غير المقبول والمعقول ان الجامعات العراقية ليس لديها خبراء علميون متمرسون في عملية تقييم البحوث العلمية. 3- من الضروري ان يتم تطبيق شروط الترقية وهي دورة الكمبيوتر ودورة طرق التدريس للمتخرجين حديثاً من حملة الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه واعتبارها شروطاً رئيسية واساسية للتعيين في الجامعة.
مشكلة إحتساب الخدمة الجامعية
تعتبر مشكلة احتساب الخدمة الجامعية احدى أهم المشاكل التي سوف تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية، ومن اجل ايضاح جوهر المشكلة لابد من معرفة ما يلي:-
1- كما هو معروف فإن قسماً من الذين غادروا العراق هم من حملة الشهادات العليا، الماجستير والدكتوراه، بسبب الاضطهاد والملاحقة السياسية أو لأسباب اقتصادية او غيرها وكانت لديهم خدمة جامعية في الجامعات والمعاهد العراقية وقسم منهم اليوم عمل او يعمل في جامعات عربية او اجنبية.
2- ان البعض من الكفاءات العلمية كان يعمل في السلطة التنفيذية (الوزارات..) وبدرجات ادارية عليا وهامة، فقسم منهم هاجر الى خارج العراق للأسباب المذكورة اعلاه والقسم الآخر لم يستطع مغادرة البلاد ولأسباب مختلفة.
3- ان بعض الشباب الذي هاجر العراق وللأسباب أعلاه قد حصلوا على شهادات عليا, (الماجستير والدكتوراه) وهم اليوم يعملون في جامعات عربية واجنبية مرموقة ولديهم ما يثبت ذلك.
4- من الضروري ان يتم احتساب الخدمة الجامعية للمفصولين السياسيين الذين يحملون الشهادات العليا(الماجستير والدكتوراه) وعادوا الى الوطن بعد ابريل عام 2003 وهم يمارسون الخدمة في الجامعات والمعاهد العراقية كخدمة جامعية كاملة لاغراض الترقية والتقاعد.
5- من الضروري ان يشمل الزملاء من حملة الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه) والذين لم يغادروا البلاد ويعلموا اليوم في دوائر الدولة المختلفة بكل الأمتيازات التي سيحصل عليها زملاؤهم العاملون في الجامعات والمعاهد العراقية. ومن اجل إنصاف اصحاب الكفاءات العلمية العراقية واعطائهم حقوقهم المشروعة، ولكي نتجنب ما حدث لقانون الكفاءات العلمية الذين صدر في السبعينات من القرن الماضي من روتين قاتل وبيروقراطية مفرطة، فأن الهدف الرئيسي والمنشود من هذا المؤتمر الهام هو عودة الكفاءات العلمية العراقية للوطن، فمن الضروري ان يتم احتساب خدمة العائدين من اصحاب الكفاءات العلمية العراقية خدمة جامعية كاملة ويطبق عليهم قانون الخدمة الجامعية الذي صدر عام 2008 الذي يحتاج الى تعديلات جوهرية في كثير من مواده وفقراته، بما ينسجم مع اهداف المؤتمر.
ومن الخطأ الكبير ان يتم التفريط او عدم الاهتمام بهذه النخبة العلمية المدربة والتي تملك من القدرات العلمية والفنية والتي يحتاجها المجتمع والاقتصاد والعلم في العراق، ذلك ان إعداد الكادر العلمي من حملة الشهادات العليا يحتاج الى 30 عاماً، فخسارة هذه النخبة يعني خسارة المجتمع العراقي ضعف الفترة الزمنية اي 60عاماُ ؟!.
ان تحقيق ما تم ذكره اعلاه سيكون عاملاً هاماً ومحفزاً لعودة الكثير من الكفاءات العلمية العراقية من اجل الإسهام في إعادة بناء العراق وتطور العلم والتكنولوجيا، فعلى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وقادة الاحزاب السياسية، وعلينا نحن جميعاً، ان نفكر بأمن ووحدة ومستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي، وأن لا يتم او ينحصر التفكير لدى البعض في كم سيكلف ذلك مالياً، لأن هذه النخبة العلمية هي رأسمال لا يعوض ولا يمكن تقييمه تقييماً مجرداً من ناحية حسابات الكلفة فقط.
مشكلة الجانب الأداري – الروتيني والبيروقراطية:
ان من أخطر المشاكل التي تواجه السلطة التنفيذية هي البيروقراطية الكارثية، إذ يمكن القول أن أنضج القوانين الموضوعة التي يتم تشريعها، واحسن التوجيهات السليمة التي يمكن ان تصدر من اي جهة تنفيذية يمكن ان تدفن وتموت ولن ترى النور بشكلها الكامل اذ يتم التفسير حسب المزاج وغير ذلك. ان السبب الرئيس وراء كل ذلك هو تفشي "مرض" الروتين وخطر البيروقراطية الادارية القاتلة، والتي يمكن أن تشبه مرض "السرطان" في جسم الانسان، فهذا المرض الخطير كان ولايزال موجوداً اليوم، ويشكل احد اهم العقبات الخطيرة التي تواجه اي تشريع قانوني، فمن أجل معاجلة هذه الظاهرة الخطيرة والمأساوية والعمل على احتضان وتسهيل عملية عودة الكفاءات العلمية الى الوطن لابد من اتخاذ ما يلي:-
1- من الضروري ان يتم تشريع قانون خاص، قانون الكفاءات العلمية العراقية، وان يكون القانون واضحاً في معناه وغير قابل للتفسيرات والرغبات الأدارية، وان يتضمن القانون معالجة المشاكل التي تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية وفي مقدمتها مشكلة السكن ومشكلة احتساب الخدمة والترقيات وغير ذلك.
2- على وزير التعليم العالي والبحث العلمي اصدار أوامر وزارية واضحة وصريحة وملزمة التنفيذ من قبل الجامعات والمعاهد العراقية لمعالجة المشاكل التي تم ذكرها في البحث، وان يتم تشكيل لجنة كفوءة ومخلصة تتابع تنفيذ قرارات وزير التعليم العالي والبحث العلمي بهدف تطبيق القانون لما فيه المصلحة العامة والخاصة في آن واحد.
5- مشكلة الجانب الأمني:
نعتقد ان مشكلة توفير الأمن والاستقرار هي مشكلة عامة وليست مشكلة خاصة بعودة الكفاءات العلمية العراقية، بالرغم من أهمية الحفاظ على الكادر العلمي في ظل اوضاع غير مستقرة، ولكن من اجل تحقيق الهدف العام والخاص يتطلب ما يلي:-
1- من الضروري ايجاد الثقة بين قادة الاحزاب السياسية والتخلص من الريبة والشك والتخندق بين هذه القيادات لما في ذلك من مصلحة للعراق أرضاً وشعباً.
2- ضرورة التخلص قولاً وفعلاً من "مبدأ" المحاصصة السياسية والطائفية المقيتة، لان الأستمرار على ذلك يمكن ان يضع العراق في المجهول، والخاسر الوحيد هو الشعب العراقي.
3- العمل على رفض اسلوب العنف والعنف المضاد في العلاقات السياسية بين الاحزاب السياسية العراقية، لأنه طريق خاسر ولن يستفيد منه إلا اعداء الشعب العراقي. 4- من الضروري اعتماد اسلوب الحوار الديمقراطي في العلاقات السياسية بين قادة الاحزاب السياسية العراقية بهدف معالجة كل المشاكل الناشئة.
ان تحقيق ماتم ذكره اعلاه وغير ذلك يمكن ان يرسي قاعدة متينة للعلاقة بين الاحزاب السياسية وسوف يَعم الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي – الاجتماعي وكتحصيل حاصل سوف نحقق الهدف الرئيسي إلا وهو عودة الكفاءات العلمية العراقية.
رابعاً: بعض المقترحات
من خلال إستعراضنا لأهم الأبعاد والعوامل ومراحل مشكلة عودة الكفاءات العلمية العراقية وما هي اهم المشاكل التي تواجه النخبة العلمية التي من الممكن عودتها للوطن لذلك نقدم بعض المقترحات آملين ان تكون هذه المقترحات وغيرها عامل جذب لعودة زملائنا المتواجدين في الخارج ومن أهم هذه المقترحات هي الآتي:-
1- من الضروري العمل على تشريع قانون خاص بعودة الكفاءات العلمية العراقية من قبل السلطة التشريعية وان يضمن هذا القانون كافة الحقوق الاقتصادية والعلمية وغيرها.
2- ينبغي على السفارات العراقية والملحقيات الثقافية في الخارج ان تقوم بجرد كامل للكفاءات العلمية العراقية ولمختلف الاختصاصات المتواجدة في البلد واللقاء المباشر بها وشرح أبعاد القانون لها، وبنفس الوقت العمل على إعداد قوائم تفصيلية حول هذه النخب العلمية من حيث الأسم الكامل، والاختصاص، سنة التخرج، أسم الجامعة المتخرج منها، وتحديد رغبته بالعمل الجامعي او الوظيفي. 3- على الوزارات ان تدرس وتحدد احتياجاتها من مختلف الاختصاصات العلمية العائدة للوطن وان يتم التنسيق بينها وبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص ذلك.
4- على كل وزارة ان تضع برنامجاً ملموساً لاستيعاب عودة اصحاب الكفاءات العلمية وحَلّ مشاكلهم وفي مقدمتها مشكلة السكن، ضمن خطة زمنية تتراوح مابين سنة الى سنة ونصف بهدف توفير السكن اللائق لهم.
5- من الضروري شمول أصحاب الكفاءات العلمية الذين لم يغادروا الوطن بكل الأمتيازات المادية وغير المادية التي سيحصل عليها اصحاب الكفاءات العلمية العراقية وفق قانون الكفاءات العلمية العراقية.
6- العمل على أبقاء الأساتذة المحالين على التقاعد وحسب رغبتهم كمستشارين في الجامعات والوزارات كل حسب أختصاصه ورغبته- طبعاً-، في حالة تعذر إستمراره بالعمل التدريسي، وان يأخذ ذلك شكلاً قانونياً.
7- وعند الإحالة على التقاعد- وهذا ينبغي ان يكون إختيارياً لعضو هيئة التدريس, ان يحصل على إجمالي آخر راتب تقاضاه وليس على أساس الراتب الأسمي، ان تحقيق ذلك يُعدُ تكريماً ومكافأة للأستاذ الجامعي لما قدم من خدمة علمية طيلة حياته العلمية وان يعيش بكرامة انسانية تليق بمكانته العلمية في المجتمع العراقي، وهذا يشكل حافزاً للأخرين للإنخراط بالمسيرة التعليمية.
8- من الضروري على قادة الأحزاب السياسية العراقية المشاركة في الحكم او غير المشاركة في الحكم ان تلعب دوراً هاماً وكبيراً مع اعضائها وأصدقائها المتواجدين في الخارج لإقناعهم بالعودة للوطن، فهذه مسؤولية وطنية كبرى امام قادة الاحزاب السياسية العراقية، وهذا هو المحك الرئيس لها وبنفس الوقت يعكس درجة ايمانها واخلاصها للعلم وللعملية التعليمية وللوطن.
------------------
|
| |
|